منتديات خجلي

منتديات خجلي (http://www.5jle.com/vb/)
-   مواضيع عامة - مواضيع ثقافيه - مواضيع منوعه (http://www.5jle.com/vb/f4/)
-   -   نصوص من الادب العربي , نصوص ادبية , نصوص , نصوص من الادب (http://www.5jle.com/vb/f4/t75260.html)

صعب المنال 3 - 5 - 2013 01:46 PM

نصوص من الادب العربي , نصوص ادبية , نصوص , نصوص من الادب
 
والرسائل والوصايا والعهود


إذا ذُكرت كلمة "الفن"، أو أُلقيت على الأسماع عبارة "الفن الأدبي" أو "الفنون الأدبية"، انصرف الذهن إلى ألوان
الأدب شعرًا ونثرًا؛ مِن قصيدة أو أنشودة أو مقطوعة أو ملحمة، ومِن خُطبة إلى قصَّة وأقصوصة، وخاطرة ومقالة ومسرحية، إلى غير ذلك مما يؤديه فنُّ العبارة؛ كالأسطورة، واللغز، والأُحجية، والذي يسبق هذه الألوان في ميدان الأدب
والنقد هو مَعرِفة القيَم الفنيَّة التي بها يقوم العمل الأدبي أيًّا كان نوعه.


ولعلَّ أقرب المقاييس الفنية التي يوزَن بها اللون الأدبي هو مِقياس "الصنعة".

فلقد درس النقاد القدماء صناعة
الأدب
من خلال البناء اللفظي والمعنوي، وقامت على تلك النظرة النقدية دراساتٌ وسعتْ خصائص الألفاظ والتراكيب وخصائص المعاني للنصِّ الأدبي، وما يتبع هذه الخصائص من جزئيات تُقاس بمعيار الذَّوق والنظرة الشاملة.

فهذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يقرِّر الصنعة في الأدب، ويرى أنها مِهنة الأديب المطبوع، شاعرًا كان أو ناثرًا، وفي ذلك يقول: "الأدب جنس مِن الصناعة، وضرب مِن التصوير"، ويُسمي أبو هلال العسكري كتابه في نقد
الأدب بـ: "الصناعتين"؛ يعنى الشعر والنثر، ويدرس عبدالقاهر الجُرجاني القيم الفنية لألفاظ ومعاني الأدب
حتى يبلغ الشوط إلى مداه، فيُقرِّر مزيَّة النص في النَّظْم، لا في اللفظ وحده، ولا في المعنى وحده.


ويدرس ابن سنان الخفاجي خصائص اللفظة المُفرَدة، فيوصلها إلى ثمانية أوصاف.

ويَبني ابن الأثير كتابه: "المثَل السائر" على مقدِّمتَين؛ أولاهما في الصناعة اللفظية، وثانيتهما في الصناعة المعنوية[1].

وقبل أن ندرس - بالتفصيل - فنون
الأدب الإسلامي
مِن خطبة وقِصَّة وشِعر، يَحسن أن نسوق بعض الشواهد من النصوص الإسلامية؛ لنقف على شيء مِن خصائصها.


إليك مِن كلام العرب ما يَقرع الخصم، ويقطع الحُجَّة، ويُثبت العقل، ويستثير الحماس، ويُمتع العواطف، ويُلهب المشاعر، ويَفيض بسحر البيان وأَسرِ الجنان.

قال الخليفة المعتصم في كتاب له إلى عبدالله بن طاهر، وكانت في نفس المعتصم عليه حزازة:
"أما بعد، عافانا الله وإياك، قد كانت في قلبي منك هنَات غفَرها الاقتدار، وبقيَت حزازات أخاف منها عليك عند نظري إليك، فإن أتاك ألفُ كتابٍ منِّي أستقدمك في كل واحد، فلا تقدم، وحسبك معرفة بما أنا منطوٍ لك عليه إطلاعي إياك على ما في ضميري منك، والسلام".

وطلب الحَجاج إلى المُهلَّب بن أبي صفرة أن اكتب لي عن خبر الوقيعة في خراسان، واشرح لي القصة كأني أشاهدها، وعن خبر بني المُهلَّب وأيهم أشجع، فأرسل المُهلَّب إلى الحجاج كعبَ بن معدان الأشعري، فجاء مِن كلامه: "أما بنو المهلب، فالمُغيرة سيِّدهم، وكفاك بيزيدَ فارسًا، وما لقي الأبطالُ مثل حبيب، وما يستحيي شجاع أن يفرَّ مِن مدرك، وعبدالملك موت زعاف وسمٌّ ناقع، وحسبك بالمفضل في النجدة، واستجهز قبيصة، ومحمد ليثُ غابٍ"، فقال الحجاج: ما أراك فضلت منهم واحدًا عليهم، فأيُّهم أشجَع مِن أخيه؟ قال كعب: هم كالحلقة المُفرغة لا يُدرى أين طرفاها، قال الحجاج: فأخبرني عن رضا الجند على المُهلَّب، ورِضا المهلب على الجند.


قال كعب: أعزَّ الله الأمير، للمُهلَّب على جنده شفقة الوالد، ولهم به بِرُّ الولد.

وبعد، فهذا غيض مِن فيض مِن كلام السادة والقادة، فكيف بكلام أرباب اللسن والفصاحة وعلماء البيان وصُنَّاع الكلام، وبخاصَّة مَن كان مِن فنِّ الشعر، فهو أقدر على التصوير؟

إليك هذه المُذهبة العينيَّة لشاعر الإسلام الصحابي المجاهد كعب بن مالك الأنصاري، أبيات جديرة بالدراسة والنظرة الفاحِصة، إنها قصيدة لشاعر أحبَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لِما له مِن مواقفَ تشهَد بصدقِ إيمانه، ورسوخ العقيدة في نفسه، هذه القصيدة نظمها كعب في الرد على عبدالله بن الزِّبَعْرَى، اشتملَت وحدتها العضوية على صورٍ أدبية فنيَّة، صاغها كعب - رضي الله عنه - بريشة الشاعر المُبدِع، فجاءت قصيدته خطابًا للعقل والعاطفة، متَّسمة بالواقعية والتاريخ والصِّدق الشعوري، وهذه الخصائص مجتمعة تؤكِّد ثُبوت الشِّعر
الإسلامي
وقوته وتفاعله وأثره وتأثيره، وإنَّ ما يراه بعض النقاد - قدماء ومعاصرين - مِن أن الشِّعر الذي نظمه شعراء الإسلام مِن الرعيل الأول فقَدَ بعض السمات الفنية مِن توهُّج العواطِف، والإبداع في الصور، وسعة الخيال، وتميَّز بخصائص أخرى كفتور العاطفة، ونضوب الصورة، وضيق الخيال - ليس على إطلاقه، والحكم العدل فيما ذهب إليه هؤلاء النقاد أن نُطلَّ على شيء من قصيدة كعب؛ فهي البرهان على خلاف ما يَرمي إليه هؤلاء.


يقول - رضي الله عنه وأرضاه -:
ألا هل أتى غسَّانَ عنا ودونهم http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
مِن الأرض خَرقٌ سَيْرُه مُتنَعنِعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

صَحارٍ وأعلامٌ كأنَّ قَتامَها http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
مِن البعدِ نقْعٌ هامدٌ مُتقطِّعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

مجالدنا عن ديننا كل فَخمةٍ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
مذرَّبةٍ فيها القوانسُ تلمَعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

ولكن ببدرٍ سائِلوا مَن لقيتمُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
مِن الناسِ، والأنباءُ بالغيبِ تنفَعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

وإنَّا بأرضِ الخوفِ لو كان أهلُها http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
سِوانا لقد أَجلَوْا بليلٍ فأقْشَعوا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

إذا جاء مِنا راكبٌ كان قولُه http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
أعدُّوا لما يُزجِي ابنُ حربٍ ويَجمَعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

نُجالد لا تَبقى علينا قَبيلةٌ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
مِن الناس إلا أن يَهابوا ويفظعوا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

وقال رسول الله لما بدَوا لنا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
إذا ما اشتهى أنا نُطيع ونسمَع http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

فلمَّا تلاقَيْنا ودارَتْ بِنا الرَّحى http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
وليس لأمرٍ حمَّه اللهُ مدفَعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

ضَربْناهمُ حتى تركْنا سَراتَهم http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
كأنهمُ بالقاعِ خشبٌ مُصرَّعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

ونحن أناسٌ لا نرى القتلَ سُبَّةً http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
على كل مَن يَحمي الذِّمارَ ويمنَعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

بنو الحربِ لا نَعيا بشيءٍ نقولُه http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
ولا نحن مما جرَّتِ الحربُ نَجزعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif



إلى آخر ما قال كعب - رضي الله عنه - في هذه الرائعة الحَماسية، التي تُقارب أبياتها خمسين بيتًا، كل بيت يُعبِّر عن معنًى سامٍ شريف تتلاحَق فيه الصور؛ حتى كأن السامع يُشاهد المعركة الإسلامية عيانًا، ولنقف على شيء مِن هذه الصور في عدد مِن أبيات هذه القصيدة.

في مطلع القصيدة تناول الشاعر تصوير المسافات التي قطعها الجيش
الإسلامي
انتصارًا لدين الإسلام ونشره والدعوة إليه.

وقد أبدع كعب في تصوير الأرض المُوحِشة التي قطعها الجيش المجاهد؛ "فهي في شِعره مصيدة لأقوى الجِمال، فلا يقدر على اجتيازها أيُّ مُسافر مهما بلغت راحلته من الصبر والتمرُّس على الأسفار، موحشة، لا أنيس فيها ولا رفيق".

ولكن سرعان ما يَرسم في تعبيره صورة أخرى لهذه الأرض الموحشة؛ إنها مرتع خِصب للظباء الخالصة البياض، ولأسراب النعام والطيور البرية؛ فقد جمع "كعب" في تصويره الشاعريِّ بين نقيضَين لصورة هذه الصحراء الواسعة المُوحِشة، فهناك حياة الصمت الرهيب الذي لا يقطعه إلا دلاج في السير، وهناك الشعاب المُتناثِرة التي لا يسكنها راجل أو راحل، وبجانب هذه الصورة تجد صورة الحياة تعجُّ بالحركة الدائبة التي تمتِّع النظر؛ فهناك الظباء والطيور، وأعداد مِن حيوانات البرِّ تسرَح وتمرَح وترتَع في مواطن الكلأ ورياض السهل والوعر.
به العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خلفة http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
وبَيضُ نَعَامٍ قَيضُه يَتقلَّعُ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif



وشبيه قول كعب في هذا البيت "به العين والآرام يمشين خلفة" بقول زهير بن أبي سلمى:
بِها العينُ وَالآرآمُ يَمشينَ خلفَة http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مجثمِ http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif



ومعلوم أنه يَبقى لزهير فضْل السَّبق إلى هذه الصورة النابضة بالحياة والحركة.

يقول الدكتور/ زكريا صيام - حول الصور التي رسَمها كعب في قصيدته تلك -:
"ولا أدري كيف تسَنَّى لشاعر المدينة حيث الحضارة والاستقرار أن يأتي بصور بدوية، بل موغِلة في البداوة والغرابة، لكنه خيال الشعراء الذي لا يحدُّ أفقَه شيء"[2].


ويمكننا أن نأخذ مِن ملاحظة الدكتور/ صيام معنى قدرة الشاعر المسلم على الإبداع في التصوير على حسب ما تقع عليه حاسته، وعلى حسب ما يراه في ذهنه مِن مواقف ومشاهد.

فكعب في هذه القصيدة يُقوي لفظَه في رسم الصورة التي تتطلَّب منزع القوة؛ كهَول الصحراء وسعتها ووحشتها، وحين يرتبط شعوره بمشاهد الحضارة واللين نراه سهل اللفظ وواضح المعنى، حتى لكأنَّ القارئ يُحسُّ أن مطلع القصيدة لونٌ خاصٌّ بعيد عن وسطها وآخرها، فهل تُحسُّ بصلابة أو غرابة أو وحشية في قوله من هذه القصيدة؟
وفينا رسول الله نتبَع أمره http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
إذا قال فينا القول لا نتطلَّع http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

نُشاوره فيما نريد وكلنا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
إذا ما دعا - حتمًا - نُطيع ونسمع http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

وقال رسول الله لما بدَوا لنا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
ذَروا عنكمُ هول المنيات واطمَعوا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif

وكونوا كمن يَشري الحياة تقرُّبًا http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif
إلى ملك يُحيا لديه ويُرجَع http://img.5jle.com/uploadcenter/upl...1367577965.gif



فتأمَّل هل تجد في هذه الأبيات مِن قصيدة كعب لفظًا غريبًا، أو حرفًا متنافرًا، أو معنًى غامضًا؟!

إن هذه الأبيات جميعها تدل - في إطارها ومضمونها - على سعة قاموس لغة الشاعر، وخصوصًا شاعر مثل كعب بن زهير، ذلك الصحابي الذي تخرَّج في مدرسة المسلمين، مدرسة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، مدرسة الرعيل الأول من المسلمين، ومَن حذا حذوهم مِن أدباء ومفكِّري الإسلام إلى اليوم.

إن هذه الخصائص، التي تجمع بين سهولة اللفظ وعذوبته، وفخامته وقوته، وبين وضوح المعنى وعُمقِه، خصائص تَصدُق على الشعر الذي نبَت وأينَع في رياض الفِكر الإسلامي.

وقامت عليه دراسات أدبية ونقدية قديمة وحديثة أولئك الأدباء، فكْر أدبيٌّ زخرت به أمهات المصادر من مثل كتاب "الأغاني"؛ لأبي الفرج الأصفهاني، و"البيان والتبيين"؛ للجاحظ، و"العقد الفريد"؛ لابن عبدربه، و"يتيمة الدهر"؛ للثعالبي، و"زهر الآداب"؛ للحصري، و"المثل السائر"؛ لابن الأثير، و"صبح الأعشى في صناعة الإنشا"؛ للقلقشندي، و"الطراز"؛ للعلوي، وكان ذلك الشِّعر قِبلة النحاة في شواهدهم، ومحط أنظار البلغاء في كلامهم، والبلاغيين في بحوثهم، واللغويين في آثارهم، والنُّقاد في آرائهم.

[1] انظر هذه القضية وتفصيلاتها في: البيان والتبيين؛ للجاحظ جـ1، والصناعتين؛ لأبي هلال العسكري، في باب النظم، وأسرار البلاغة؛ لعبدالقاهر الجرجاني، شرح فكرة النظم، وسر الفصاحة؛ لابن سنان الخفاجي، والمثل السائر؛ لابن الأثير.

[2] الأدب العربي في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، ص: 143، د. زكريا عبدالرحمن صيام.


سهر الليل 3 - 5 - 2013 10:53 PM

رد: نصوص من الادب العربي , نصوص ادبية , نصوص , نصوص من الادب
 
اخوي صعب المنال
الله يسلم اناملك على ماجلبت
دمت بخير


الساعة الآن 07:06 PM.

Privacy-Policy Copyright
Powered by vBulletin® Version
Copyright ©2000 - 2024 , vBulletin Solutions, Inc
Search Engine Friendly URLs by
vBSEO 3.6.1

المواضيع المكتوبة في منتديات خجلي لاتعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها

Security team