صفحات رمضانية

كلما جاء رمضان من كل عام قامت جرائدنا اليومية بتخصيص صفحات تسميها "صفحات رمضان" تنشر فيها موضوعات تنسبها إلى الإسلام بينما أكثرها يؤلمنا ويفجر مكنون الشجن في نفوسنا. ومبعث ألمنا الكثيرين من القراء يعتقدون صحة كل ما ينشر فيها، بل يعتبرونه حجة دامغة قوية.

وأضرب لذلك مثلًا بما نشرته "الأهرام" في رمضان الماضي تحت عنوان "مجددون في الإسلام" فقد كان معظم هذه الشخصيات الذين تحدثوا عنهم من المتفلسفة والمتصوفة. فكان مما أتحفتنا به هذه الصفحات الرمضانية حديث عن ابن عربي الصوفي الذي كان يروج لما يعتبر كفرًا وشركًا بالله. وحق لنا أن نسأل: هل يعتبر الخارج عن الإسلام مجددًا فيه..؟ إن هذا لشيء عجاب.

وتعالوا بنا لنتعرف على هذا "المجدد في الإسلام" كما زعموا وغرروا بالملايين من القراء المسلمين، ونمر سريعًا على عقيدته الكفرية وفكره الضال.. لأن علماءنا الأجلاء من أهل السنة والجماعة قد كفونا مؤنة ذلك حيث تكلموا عن هذا الضال بما يشبع نهم الباحث عن الحق والحقيقة بعمق وبسط وتفصيل.

ونقولها بصوت عال مجلجل تندك له حصون الصوفية الهشة المتهالكة وتنقشع على أثره غيوم الضلال المتسربلة بسواد الباطل الداكن - نقول: إن عقيدة الرجل عقيدة كفرية باطلة حيث يؤمن بوحدة الوجود التي معناها أن الموجود واحد في الحقيقة وكل ما نراه ليس إلا تعيينات للذات الإلهية. وقد عبر هو عن ذلك بقوله بل بكفره وإفكه حيث قال "سبحان من خلق الأشياء وهو عينها".

ولابن عربي هذا كتابان مشتهران هما دين الصوفية وديدانها وهما "فصوص الحكم" و "الفتوحات المكية" وللأسف الشديد فهما يطبعان طبعات متتالية ويشرف على أكثرها ويحققها - كما يزعمون - بعض المنتسبين إلى العلم، وهذا خسران مبين وسعي ضال.

وانظر يا أخي المسلم إلى ما أنقله إليك من مؤلفات ابن عربي الذي له باع طويل في الكفر والضلال. فهو القائل ولبئس ما قال:
فيحمدني وأحمده ويعبدني وأعبده.

فالحمد والعبادة عنده بين العبد والرب. ويتمادى في كفره وضلاله حيث يعبر عن ذات المعنى بطريقة أخرى فيقول:

العبد رب والرب عبد
يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك حق
أو قلت رب أنى يكلف

وهذا الذي يعتبرونه من المجددين في الإسلام يصل إيمانه بعقيدة وحدة الوجود إلى منتهاه حيث يقول في فتوحاته بل في ضلالاته: "إن الذين عبدوا العجل ما عبدوا غير الله" ومن أشعاره قوله:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

لقد صار قلبي قابلًا كل صورة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالدين ديني وإيماني

ثم يقول "والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه، ولذلك سموه كلهم إلهًا مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك".

وطبقًا لهذا الكفر البواح، فالموحدون من لدن آدم إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ليسوا على الحق من وجهة نظر اعتقاد ذلك الضال.

وليس بجديد عليه أن يفتري على الله الكذب فيقول عن الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرا "هو عين ما ظهر وعين ما بطن في حال ظهوره وما ثم من يراه غيره وما ثم من يبطن عنه فهو ظاهر لنفسه باطن عنه وهو المسمى أبا سعيد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات" فيا للكفر ويا للضلال؛ ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 5].

وأقول لقد قرأت وقرأ الكثيرون في كتب الملل والنحل قديمًا، فما وجدنا أشد كفرًا وبشاعة من ذلك. وعلى الرغم من كل هذا الكفر والضلال فابن عربي عند الصوفية "هو العارف بالله والكبريت الأحمر والمسك الإذخر والقطب الأكبر"، وما زالت كفرياته الشنيعة المبثوثة في مؤلفاته هي نبع الصوفية ودينها وقوام فكرها.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه مازال الأزهر يعتبر التصوف علمًا يدرس على طلابه الذين يتخرجون دعاة بعد ذلك. فماذا ينتظر؟ ومازالت الصفحات التي يزعمون أنها دينية تلعب بعقائد المسلمين وفكرهم وتنحو بهم في الغي والضلال كل منحى.

فيا قوم، اتقوا الله فإما الإسلام وإما الصوفية فمن قال لكم أن الضدين يجتمعان؟ ومن قال لكم أن الإسلام يحوي كل هذه الخرافات والكفريات والضلالات؟ إنها فرقة واحدة في الجنة ألا وهي كما أخبر المعصوم - صلى الله عليه وسلم - هي ما كانت على ما كان عليه وأصحابه. فأين الصوفية من ذلك؟ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}؟

ويا أرباب الصحف والصفحات والأقلام: ألم تقرؤوا قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

وباب التوبة مفتوح وإلا فانتظروا ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.