الفلسفه العمرانيه : الأنا والأخر وثالثهما

علاقة الأنا الآخر ،من زاوية الفلسفة العمرانية ،حافلة
بالإمكانات والاحتمالات والنهايات السعيدة وغير
السعيدة ،والحيادية والملتزمة والملتحمة .وقبول الآخر
قد يكون فسحة أو راحة أو هدنة ،ذلك أن رفض الآخر
قد يؤدي الى خسائر ،والى نتائج لا تحمد عقباها ..
فالآخر يسير في الطريق الذي نسير فيه .حاورناه أم
لم نحاوره ،فإن تحدّثنا يستطيع أن يقبل أفكارنا ،أو أن
يحاورنا أو يعاكسنا أو أن يعادينا أو أن يقاضينا أو أن
يكمن في منعطف ما بمفاجأة ما . فقبول الآخر ليس منة
ولا تفضلا ًولا تكرما ً ،إنما هو تصرف حكيم قد لايحقق
نتيجته المنتظرة ولكنه يحول دون معركة قد تكون خاسرة.
فالآخر قائم ،موجود،شئنا أم أبينا .اعترفنا بوجوده أم
أنكرنا ذلك الوجود .إنه يضم صوته الى صوتنا ،أو الى
صوت منافسينا .
الآخر انسان من لحم ودم ،مثلنا ،مثل أحلامنا أو كوابيسنا .
فالعلاقة بالآخر قبل أن يحكمها الحوار ينبغي أن يكللها
الحذر ،وقبل أن ننتظر فائدة ينبغي أن نعمل على تلافي
الضرر .
الفلسفة العمرانية تنظر الى الأنا ،والى الآخر ،من منظار
"العمران" .أي من زاوية العمل الإيجابي المثمر ،من
منظار التقدم والحضارة والانفتاح على عوالم وعلاقات
وفضاءات لا تحد إلا بالإرادة القوية والنتيجة الهادفة
والتطور الفاعل .