متابعين خجلي على تويتر

متابعين خجلي على الفيسبوك

 


العودة   منتديات خجلي > رمضان كريم > الخيمة الرمضانية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 4 - 2019, 03:51 PM   #1

صعب المنال
خجلي موهوب
افتراضي خطب رمضان 2019



خطب مكتوبة لشهر رمضان 2019


أهلاً رمضان

استقبال رمضان


ما أقصر لحظات العمر!
وما أسرع جريان الأيام!
وكأن الإنسان ينام ليستيقظ حين يؤذَن له بالرحيل والانقضاء من هذه الدنيا..
وهو وراء الدنيا راكض.. وعلى الشهوات رابض.. نائمٌ راقد.. آكلٌ شارب..

الأيام تمضي منه، والشهور والأعوام تتقلب عاماً بعد عام وهو مع ذلك طبعه طبعه.. حاله حاله.. عمله عمله.. خلقه خلقه..
ما تغير وما تبدل، ما تأثر وما اعتبر، ما رقَّ وما لان، ما استرجع وما ندم، ما تاب وما أناب.

نعم أيها الأحباب الكرام:
ما أشبه الليلة بالبارحة!
لقد مرّ بنا رمضان الماضي، ثم مرت بعده الايام والأسابيع والشهور وكأنها ساعات.
وإذا بنا نستقبل رمضانَ آخر.
ومن يدري ربما يكون رمضان هذا لبعضنا هو آخر رمضان يصومه...
فكم من نفوسٍ تمنت.. وكم من قلوبٍ حنّت ان تدرك معنا هذا الشهر الكريم لكن الله تعالى يقضي في العباد ما يشاء ويختار...
وكم عرفنا اقواماً.. وكم عرفنا إخواناً.. وكم عرفنا احباباً.. وكم عرفنا جيراناً صاموا معنا رمضان أعواماً..
لكنهم اليوم من سكان القبور ينتظرون البعث والنشور..
ما كأنهم الآن فرحوا مع من فرح، ولا كأنهم ضحكوا مع من ضحك
ولا كأنهم تمتعوا مع من تمتع.. قد حِيلَ بينهم وبين ما يشتهون....

أيها الأحباب الكرام:
إنّ إدراكنا لرمضان هو نعمهٌ ربانيه ومنحهٌ إلهية.


فهو بشرى تساقطت لها الدمعات وانسكبت لها العبرات..
﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

ذكر الله سبحانه وتعالى ان هذه العبادة كنا انها فرضت علينا وأُوجبت لمحبه الله عز وجل لها، فإنها كانت واجبه على الأمم السابقة:
- فأمر بها إبراهيم قومه.
- وأمر بها شعيبٌ قومه.
- وأمر بها هودٌ قومه.
- وأمر بها لوطٌ قومه.
- وأمر بها عيسى وموسى اقوامهما.
﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾.
ففرض على أمتنا كما فُرض عليهم..

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستبشر بقدوم هذا الشهر الكريم فقال عليه الصلاة والسلام كما روى النسائي:
أتاكم شهر رمضان.. ((شهر مبارك))..
ويا لها من كلمه وجيزة وعباره بليغة (شهر مبارك)
ذكر العلماء لهذه الشهر الكريم أكثر من أربعين بركه..
بركه في الدعاء، بركه في الرزق، بركه في الصلاة. بركه في الإنفاق، بركه في قراءه القرآن، بركه في الوقت، بركه في الليل، بركه في النهار، بركه في الطعام، بركه في الأخلاق ووغيرها من البركات.

ولذا قال ((أتاكم شهرُ رمضان شهرٌ مبارك، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق ابواب الجحيم وتعب الشياطين، فيه ليله خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم..))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستبشر بالصوم عموماً ويبشر أصحابه به ويأمرهم باستغلاله واستثماره فقال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فأنه لي وانا الذي أجزي به..))
يقول الله تعالى: ((يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحان يفرحهما، فرحهٌ عند فطره وفرحهٌ عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك..))
هذا يا مسلمين في الصوم عموماً فيمن صام الاثنين والخميس والأيام البيض وغيرها من النوافل.
فما بالك بمن يصوم هذا الشهر الذي افترضه الله عليه..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب... ثم قال بعدها.. (وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليّ مما افترضته عليه..)
فالصوم في رمضان لأنه فريضه أحبُ الى الله تعالى واعظمُ أجراً من الصوم في غيره..
فهو أفضل من الصوم في يوم عرفه.
وهو أفضل من الصوم في عاشوراء.

مع ما في عرفه وعاشوراء من تكفيرٍ للذنوب ورفعهٍ للدرجات إلاّ ان صوم يوم واحد من رمضان أفضل عند الله تعالى من الصوم في غيره....
وهذا ابراهيم النخعي رحمه الله يقول: (سجدة في رمضان أفضل من ألف سجدة في غيره، وركعة في رمضان أفضل من ألف ركعه في رمضان، وتسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحه في غيره...).


فأهلاً بشهر التقى والجود والكرم ِ رمضان 2019
شهر الصيامِ رفيعِ القدرِ في الأممِ رمضان 2019
أقبلتَ في حلّهٍ حفّ البهاءُ بها رمضان 2019
ومن ضيائكَ غابت بصمهُ الظِّلَمِ رمضان 2019
أهلا بصومعه العبّاد - مُذ بزغتْ رمضان 2019
شمسٌ - ومجمعِ أهل الفضلِ والقيمِ رمضان 2019
هذي المآذن دوّى صوتها طرباً رمضان 2019
تلك الجوامع في أثوابِ مبتسمِ رمضان 2019
نفوسُ أهل التقى في حبكم غرقت رمضان 2019
وهزها الشوقُ شوقَ المصلحِ العَلَمِ رمضان 2019


أيها المسلمون والمسلمات:
ساعات قليلةٌ تعدها الأنفاس واللحظات ويحل علينا صاحب الأيادي البيضاء.
الذي إذا أعطى لم ينتظر الجزاء.
وليس كمثله زائر يأتي بالعطايا والهدايا والهبات

وينادي في الناس:
هل من مقبلٍ على العطاء؟؟
وهل من مستجيب للنداء؟؟

هذه الروح علينا أن نبثها في نفوس الناس وبين أولادنا وأهلينا وبين كل من نحب..
إنّها روح استقبال رمضان، والاستعداد لأيامه ولياليه، وإعداد العدة للاستفادة القصوى
لا بطعام الأمعاء وشرابها..
وإنما بغذاء الأرواح والقلوب..
بالقرآن تلاوة، وبالطعام والشراب صياماً، وبالصلاة قياماً، وبالمال تصدقاً، وبالطاعات تعبداً وتنسكاً...

نعم أيها الأحباب:
بعد ساعات وجيزة، ومع غروب شمس هذا اليوم سيُقص على شريط المنافسة والمسابقة والمبادرة والسرعة والانطلاق على مضمار الطاعات والقربات في شهر العبادة.

مع غروب شمس هذا اليوم ستنزل ملائكة الرحمن بسجلات بيضاء جديدة وستدون فيها كل ما ستخطونه وتعملونه في الثلاثين يوماً
فاستعدوا من الآن على ان يكتب لكم فيها ما سيفرحكم ويبيض وجوهكم غداً بين يدي الله..

نعم.. ساعات يسيره وسيتقاطر فيها مئات بل عشرات بل آلاف بل أقول ملايين من البشر، المتدفقة كالموج الهائج إلى طاعة الخالق سبحانه..
إنها أمة تعود بمجموعها..
أمة بأكملها تتوب إلى مولاها وتؤوب إلى باريها
وترجع إلى خالقها سبحانه.

ملايين مملينة سترفع أكف الضراعة الى الله..
فلا وساوس ولا أفكار ولا إملاءات ولا نزغات فقد صفدت الشياطين والمردة المتعاونين...

أفواج من هذه الأمة من شبابها وشاباتها ونساءها ورجالها ومثقفيها وأدبائها ومعلميها ومهندسيها ودكاترتها و.. و..
كلهم سيدخلون في وقت واحد هذه الجامعة الرمضانية وسيعلنون بوقت واحد الصيام للخالق جل في علاه..

ليس هناك في أمةٍ على وجه الأرض من يسجد أكثر منها، ويركع أكثر منها، ويقرأ اكثر منها، ويسبح أكثر منها، ويدعو اكثر منها، ويتصدق أكثر منها..

ما أجملها من صوره رائعة تشرح الصدر وتغذي القلوب وتروي الأفئدة بالسعادة والانشراح وأنت ترى مع بدء الساعات الأولى من شهر الصيام المسلمين يملؤون مساجدهم ويتقاطرون إليها من كل حدبٍ وصوب.
كيف.. كيف لو ظللنا وبقينا واستمررنا على هذا الإقبال على الطاعات وهذه المسارعة على القربات وهذا الانطلاق للطاعات بكل شوق ولذه وخشوع.
كيف لو كانت حياتنا كلها على هذه الحالة من الإقبال والسرعة والانطلاق والشوق والرحمة والحب والحنان والشفقة والتواضع والاخلاص والطمأنينة.
هل كنا سنفرط بدمائنا؟ وهل كنا سنتقاتل فيما بيننا؟ وهل كنا سنحقد على بعضنا؟

فرمضان يعلمنا ورمضان يربينا ورمضان يغرس في نفوسنا قيماً رقراقه ومبادئ سامية فهو ميدان الانتصار الحقيقي على النفس والهوى.
وإذا انتصرنا في هذا الميدان انتصرنا في سائر ميادين حياتنا..
فأمامنا ميادين الحياة المختلفة بشتى أنواعها وأشكالها وألوانها..
فمن هنا المنطلق ومن هنا نقطه البداية ميدان الطاعة ومغالبة النفس والهوى إذا تغلبنا فيها وارتقينا فيها تغلبنا على صعوبات الميادين الأخرى..
وإذا تخاذلنا وتراجعنا وهزمنا وضعفنا امام نفوسنا الإمارة وهواها لن نجني بعدها الا الخسارة والندم والألم.. ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية

ثم أما بعد، أيها الأحباب الكرام:
ها نحن الآن على أبواب شهر رمضان لا تفصلنا عنه إلا ساعات معدودات وستمر مر البرق وتنقضي انقضاء الحلم..

أتدرون ماهي مشكلتنا يا كرام؟؟
مشكلتنا أننا في كل عام يأتينا رمضان ونحن غافلون، فنبدأ في الطاعة والعبادة من الصفر ثم نرقى شيئاً فشيئا، فلا نكاد نجد طعم العبادة وحلاوة الطاعة إلاّ وقد انقضى رمضان وانطوت صحائفه بما فيها من احسان المحسن وإساءة المسيء..
فنندم ونتحسر ونتألم ونقول: (نعوض العام القادم)
ويأتي العام القادم فلا نكون احسن حالاً من سابقه وهكذا نظل الى ان نغادر الدنيا ونحن على حالنا فإلى المشتكى..!
ولذلكم مجيء رمضان فرصة..!
فرصة للمؤمنين، فرصة للمقصرين، فرصة للصالحين، فرصة للعقلاء..
ولا يعرف معنى فرصة إلا من يعرف معنى الموت وأن هذه الحياة لا أمان لها:
كم أحزنت!! وكم أبكت!! وكم أفسدت من أسر!! وكم كانت سبباً في كل بلوى ومصيبه...
ولذلك ونحن نداعب هلال رمضان ونتهيأ لوضع الأقدام على بساط شهر الصيام والقيام.

شهر البركات والخيرات، شهر الطاعات والعبادات، شهر الصلوات والدعوات، شهر النفحات و إقالة العثرات، شهر إعتاق الرقاب الموبقات، شهر الغنائم وشهر الكنوز، شهر الدعاء والسخاء، شهر الكرم والجود والعطاء، شهر الرحمة والشفقة، شهر الإحسان وزياده الايمان، شهر البر والصلة، شهر التقوى والصبر، شهر الجهاد ومجاهدة النفس، شهر مضاعفه الحسنات: الحسنة فيه بألف حسنة والفريضة تعدل سبعين فريضة، من تقدم فيه بخصلهٍ من خصال الخير كمن قدم فريضهً فيما سواه...

نعم.. في الوقت الذي يطالعنا شهرٌ وموسمٌ من الخير جديد...

هذه العبادة القولية والفعلية والحركية والجهرية والسرية هناك سؤال يطرح نفسه:
أيُ رمضانٍ يكونُ رمضانُك هذه المرة؟!
هل هو رمضانُ المسوفين الكسلانين؟! أم رمضان المسارعين المجدين؟!
هل هو رمضان التوبة.؟ أم رمضان الشِقِوة؟؟!
هل هو شهرُ النعمةِ؟ أم شهرُ النقمة؟!
هل هو شهر الصيام والقيام؟ أم شهر الأفلام والهيام؟!!
هل هو شهر الذكر وتلاوة القرآن؟ أم شهر الموائد والسهرات؟؟!
شهرٌ يفوقُ على الشهور بليلةٍ رمضان 2019
من ألف شهرٍ فُضلت تفضيلا رمضان 2019
طوبى لعبدٍ صحّ فيه صيامه رمضان 2019
ودعا المهيمن بكرهً وأصيلا رمضان 2019
وبليلهٍ قد قام يختمُ ورده رمضان 2019
متبتلاً لإلهه تبتيلاً رمضان 2019


اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه واجعلنا من عبادك المخلصين..
اللهم ارزقنا صدق الصائمين، وإقبال القائمين وخصال المتقين، واحشرنا يوم النشور في زمره المنعمين، وبلغنا بفضلك ورحمتك درجات المقربين.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة عليه..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومة..
وأنفع بها عبادك المسلمين أجمعين...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون..















آخر مواضيعي

0 امساكية رمضان في مصر 2017
0 تفسير حلم شفي من المرض
0 احتفالات قوقل , Google
0 مسلسل علي رضا الحلقة 28
0 مجلس الوزراء يوافق على تنفيذ قطارات الرياض
0 مكياج رمضان 2020
0 فوائد بذور الرجلة
0 مسلسل ابتسم لقدرك الحلقة 4
0 ايقاف برنامج وجها لوجه , قناة وصال توقف برنامج وجها لوجه , اسباب ايقاف برنامج وجها لوجه
0 رجل بي 12 اصبع


  رد مع اقتباس
قديم 13 - 4 - 2019, 03:53 PM   #2

صعب المنال
خجلي موهوب
افتراضي رد: خطب رمضان 2019



رمضان شهر الدعاء والذكر



إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفُسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد:
فيا أيها الإخوة المؤمنون، طِيبُوا نفسًا برحمة ربكم عليكم في هذا الشهر العظيم، وفي عموم الأوقات، فالله جل وعلا رحيم بعباده، ويختصُّ أهلَ الإيمان بمزيد رحمته تعالى وتقدَّس، ويأيها الإخوة المؤمنون، أرُوا اللهَ مِن أنفسكم في هذا الشهر الفضيل ما يتناسب مع ما فيه مِن الخيرات والبركات، إنها فُرَص متواليات، وبرَكات متعاقبات في كل لحظة مِن لحظات هذا الشهر الكريم، بإمكان المسلمِ أن ينال مِن الخير ما هو خيرٌ مِن الدنيا وما فيها، مِن أعمال صالحات، ودعوات وأذكار، وتلاوة وصيام وقيام، وخيرات لا يحصيها إلا الرَّبُّ تبارك وتعالى.

ومما ينبغي للمؤمن أن يتنبَّه إليه غاية التنبَّه، وألا ينصرف عنه، أو أن ينشغل بأمور أخرى مما تكون أقل حظًّا في الخير والبركة منه؛ ما يتعلَّق بالدعاء في هذا الشهر الفضيل، فالدعاء محبوب عند الله في كل الأوقات، وله مزية زائدة في هذا الشهر العظيم، وهذا ما يُلمِّح إليه ما نبَّه إليه بعضُ العلماء، في شأن مجيء آية كريمة عظيمة شريفة جليلة في تعظيم دعاء الله تعالى، وسؤالِه سبحانه؛ وهي قول الرب تبارك وتعالى بعد أن جاءت آيات الصيام ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183] الآية: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185] الآية، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

إنَّ مجيء هذه الآية في غُضُون آياتِ الصيام، وبعد أنْ قرَّر اللهُ جل وعلا فرضيةَ صيامِ هذا الشهر الكريم، وفضله وشرفه بإنزال القرآن فيه جاءت هذه الآية الكريمة، وهذه إلماحة وتنبيه إلى أن الدعاء في هذا الشهر الكريم له مزيتُه، في هذا يقول الحافظ ابن كثير الدمشقي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخلِّلةً بيْن أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر؛ كما روي عن عبدالله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن للصائم عند فطره دعوة لَا تُرَدُّ))، والله جل وعلا قد رغَّب عبادَه في هذه الآية في دعائه وسؤاله سبحانه غاية الترغيب، وتأملوا في بلاغة هذه الآية الكريمة، وما تضمَّنتْه مِن تحبُّب الله وتودُّده إلى عباده، مع إنه هو الغني تبارك وتعالى، والعباد فقراء ضعفاء: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186]، وهنا يقول العلماء: إن الله تعالى لم يقُل بعد أن استفتح الآية: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ﴾ [البقرة: 186]لم يقل: فقل لهم: إني قريب؛ بل خاطبهم: ﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186]، وهذا القرب منه جل وعلا نبَّه الله تعالى إلى آثاره، ومن جملة ذلك ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وهذا وعْد مِن الله، وهو حقٌّ وصدْق، ولا أَصْدَق مِن اللهِ حديثًا، ولكن إنما المشكلة في تخلُّف إجابة الدعاء وتأخُّره مِن العبد، ولذا قال الله تعالى: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

يا عبدَ الله، لن يكون أحدٌ أرحمَ بك مِن الله جل وعلا، ولا مِن أبيك ولا أمِّك، فاللهُ أرحمُ بك منهما، ولذلك كان حريًّا بالمؤمن أن يتحرَّى أوقاتَ الدعاءِ في هذا الشهر الكريم، وأن يلهج لسانه بكل ما يحبُّه مِن ربه، فإن الله تعالى هو المتكفِّل له بذلك.

وفي سياق دلالة هذه الآية الكريمة، أورد الحافظ ابن كثير رحمه الله الأحاديث المرغِّبة في دعاء الله تعالى والإقبالِ عليه؛ ومِن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها اللهُ دُون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول بعزَّتِي لأنصرنَّك ولو بعْد حين)).

وفي دلالة هذه الآية الكريمة ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186] قال الحافظ ابن كثير: رُوي أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله، أقريبٌ ربُّنا فنُناجيه؟ أم بعيدٌ فنُناديه؟ فسكتَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا ﴾ [البقرة: 186]، وعن الحسن رحمه الله قال: سأل أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أين ربُّنا؟ فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وفي هذا أيضًا أورد عن عطاء رحمه الله؛ أنه بلَغَهُ لَمَّا نزلتْ هذه الآية ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] الآية من سورة غافر، قال الناس: لو نعلم أيَّ ساعة ندعوا؟ فنزلت ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة، فجعلْنا لا نصعد شرفًا، ولا نعلوا شرفًا، ولا نهبط واديًا؛ إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، قال: فدَنا منَّا فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدْعُون أصمَّ ولا غائبًا؛ إنما تدْعُون سميعًا بصيرًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم مِن عُنًق راحلتِه، يا عبدَ اللهِ بنَ قيس، ألا أعلمك كلمةً مِن كنوز الجَنَّة: لا حول ولا قوة إلا بالله)).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قال الله تعالى: ((أنا مع عبدي ما ذكرني وتحرَّكَتْ بي شفَتاه)). قلتُ - وهذا مِن كلام ابن كثير - وهذا كقوله جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وقوله لموسى وهارون عليهما السلام: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46]، والمراد مِن هذا: أنه تعالى لا يخيِّب دعاءَ داعٍ، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء؛ ففيه ترغيب في الدعاء، وأنه لا يضيع لديه جل وعلا، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله تعالى ليستحِي أن يبسُط العبدُ إليه يديه، فيسأله فيهما خيرًا، فيردهما خائبتين))، وجاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما مِن مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم؛ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثِ خصال: إمَّا أن يعجِّل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الأخرى وإمَّا أن يصرف عنه مِن السوء مثلها))، قالوا: إذًا نُكْثر يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((الله أكثر))؛ الله أكثرُ عطاءً، والله أكثرُ تفضلًا، ولا يُنقص ما عنده شيءٌ مما يُعطيه للعباد؛ فخزائنه ملأى، ويداه مبسوطتان سحَّاء الليل والنهار تبارك وتعالى، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنه قال: ((ما على ظهر الأرض مِن رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة؛ إلا آتاه الله إياها، أو كَفَّ عنه مِن السوء مثلها؛ ما لم يَدْعُ بإثم، أو قطيعة رحم))، وينبغي للمؤمن ألا يستأخر دعاءه ربه جل وعلا، فلا بدَّ أن يثق، وأن يكون متوكلًا على ربه، وأن الله جل وعلا إنْ أخَّر ما دعاه به فذلك لحكمة يعلمها الله سبحانه، ويحذر المؤمن مِن اليأس والقنوط، وأن الله لم يستجب له، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام، كما ثبت في صحيح مسلم: ((لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)) قيل: يا رسول الله، وما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أرَ يُستجاب لي! فيسْتحْسِر حينئذ، ويَدَع الدعاء)).

فحريٌّ بالمؤمن أن يكون محافظًا على هذه المبادرة إلى ربه، بدعائه وسؤاله كل ما يحتاجه من أمور حياته، وأن يدعو الله تعالى بخيرَيِ الدنيا والآخرة، وهذا الشهر الكريم لحظاته، ليله ونهاره محل للدعاء، وبخاصة في أوقات الاستجابة التي جاء بها الحديث الشريف، ومما اختصَّ في هذا الشهر الكريم: ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن دعوة الصائم لا تردُّ، وهنا بحث العلماء أي أوقات الإجابة للصائم؛ لأنه قد ورد في الحديث أن دعوته دعوة الصائم لا تردُّ (حين يُفطر)، وفي لفظ آخر: (حتى يُفطر)؛ فقد روى البيهقي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر))، وجاء الحديث بلفظ: ((ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم))، وهذا يفيد أن الدعوة المستجابة للصائم تكون وقت إفطاره، وفي رواية أخرى: ((ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الصائم حتَّى يفطر))، جاء بقوله ((حتى)) الغائية؛ يعني: كل وقت الصيام محل للدعاء إلى أن يُفطر، وهذه الرواية ضعَّفها بعضُ أهل العِلم.

ومهما يكُن مِن أمرٍ، فإنَّ كل وقت الصيام يتلبَّس فيه المسلم بعبادة محبوبة عند الله، والتقرُّبُ إلى الله جل وعلا بالطاعات سبب لإجابة الدعوات، ويتأكد هذا الوقت عند فِطر المسلم، فإنه وقتٌ فاضل كما في دلالة هذا الحديث المتقدم: ((للصائم دعوةٌ حين يفطر))، وأيضًا لأن المسلم حينها يكون منكسر القلب، قد بلغ به الضعف مبلغه، والاستكانة لربه جل وعلا، وهو أيضًا لأنه حينها يكون أكثر قربًا من ربه جل وعلا، فإنه يكون فرحًا بطاعة ربه والاستجابة لأمره كما دل عليه الحديث الآخر: ((للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه))؛ ففرحه عند فطره لأنه استجاب لأمره، وقام بما كلف به، وهذا سبب من أسباب إجابة الدعاء، فحريٌّ بالمؤمن أن يكون في هذه اللحظات متوجهًا إلى ربه بالدعوات؛ فهي حريٌّة ألا تُردَّ.

وفي هذا يقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله: الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع فيه انكسارُ النفْس والذلُّ لله جل وعلا، وأنه صائم، وكل هذه أسباب للإجابة، وأما بعد الفطر فإن النفس قد استراحت وفرحت، وربما حصَلتْ غفلةٌ، لكن ورَد دعاءٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لو صح فإنه يكون بعد الإفطار، وهو قوله: ((ذهب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله))؛ فهذا لا يكون إلا بعد الفطر. انتهى كلامه رحمه الله.

وأُثر عن بعض السلف، كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ أنه إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا. رواه الطيالسي.

والمقصود أيها الإخوة المؤمنون:
أن هذه الأوقات الشريفة الفاضلة محلٌّ لإجابة الدعوات، وكم في النفوس من الرغبات الملحة من حاجات الدنيا والآخرة، فَأَفْضِ بها يا عبدُ الله إلى ربك، ولا تستكثر ما عند الله؛ فالله أكثرُ، والله يعطيك ما لا تتصور، وكم من إنسان أجيبتْ دعوتُه في أمور دنياه، فتغيَّر حالُه إلى خير كثير، وكم من إنسان دعا الله جل وعلا في أمور دينه ففتح له في الطاعات، وازداد من العبادات، فكان خيرًا له في الآخرة والأولى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

بارك لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدِّين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبيِّنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد:
فإن هذا الشهر الكريم فيه من الخيرات والبركات ما يُبادر إليه مَن فتَح الله عليه بالعِلم؛ ذلك أن العِلم بالشيء هو ما يُرغِّب الإنسانَ فيه، ولذلك أنت واجدٌ أن كثيرًا مِن الناس يكون عليهم موسم شهر رمضان كغيره مِن المواسم، فلا يبادروا إلى الغنائم العظيمة فيه، فهي غنائم وفُرَص متتابعة، إنما يُقبل عليها مَن عَلِمَ ما فيها مِن الخير، بدلالة شرع الله تعالى، مما جاء من النصوص العظيمة في كتاب الله تعالى، وسُنَّة نبيِّه المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والدعاء والذكر من الأمور التي يَغْفل عنها الكثير من الناس، فتجد كثيرًا من المسلمين ينقضي نهاره، ولم يُبادر إلى أسباب المغفرة، وأسباب القُرب مِن الله جل وعلا، ومِن جملة ذلك ما يتعلق بالدعاء في لحظات الصيام وفي لياليه، وفي هذا يقول العلامة النووي رحمه الله: يُستحبُّ للصائم أن يدعو في حال صومه بِمُهِمَّات الآخرة والدنيا له، ولمن يحبُّ، وللمسلمين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم)). رواه الترمذي، وابن ماجه.

وهكذا الرواية الأخرى ((حتى)) بالتاء المثنَّاة مِن فوق؛ فيقتضي استحبابَ الدعاء حين يُفطر، وحتى يُفطر، فيقتضي استحباب الدعاءِ؛ دعاء الصائم مِن أول اليوم إلى آخره؛ لأنه يُسمَّى صائمًا في كل ذلك. انتهى كلامه رحمه الله.

وهكذا ما يكون من الأذكار التي فيها مغفرة الذنوب، وهي أعمال يسيرة، على سبيل المثال: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَن قال في اليوم: سُبحان الله وبحمده، مائة مرة، كُتِبَ له ألفُ حسنة))، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم في شأن الذكر والدعاء قال: ((الدعاء هو العبادة))، وأخبَر عليه الصلاة والسلام أنَّ الله جل وعلا يُضاعِف الثواب للداعين الذاكرين، ولذلك أثنى الله تعالى عليهم في كتابه العزيز: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]؛ فحريٌّ بالمؤمن أن يُخصِّص في يومه أوقات يُقبل فيها على ربه بدعائه وسؤاله ما يحتاج، مع محافظته على ذكر الله في كل لحظة وحين، فهذا الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((لا يزال لسانُك رَطبًا مِن ذكْر الله))؛ لمَّا طُلِبَتْ منه الوصية بعملٍ يحافظ عليه المؤمن.

أيها الإخوة المؤمنون، إن هذا الشهر الكريم بتوالي لحظاته، يتضمَّن هذه الخيرات والبركات، ومن جملة ذلك ما يكون في لحظات السَّحَر، فإنه وقتٌ فاضل شريف عظيم عند الله جل وعلا، عظَّمه سبحانه بما خصَّه ونوَّه به في كتابه حيث قال: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]، وهذه إحدى أسرار بركات السحور؛ لما قال عليه الصلاة والسلام: ((تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركة))؛ بركة الطعام الذي يتقوى به المؤمن على الصيام، وبركة الاستيقاظ في هذا الوقت الفاضل، الذي نوَّه الله به، وما جاء أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنه وقتُ التنزُّل الإلهيِّ؛ فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا كان وقتُ الثلث الآخِر من الليل، ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هلْ مِن داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ وذلك كل ليلة حتى يخرج الصبح))، فكم يَغفلُ كثيرٌ من الناس عن هذا الوقت الفاضل، فربما صرف فيما لا يرضي الله جل وعلا، وربما صرف كله في المباح؛ بأن يستغرق في الطعام والشراب والحديث، دون تفرُّغ وتوجُّه بالدعاء فيه، فإن الله تعالى قال، وقوله الحق، ووعده الصدق: ((هلْ مِن داعٍ؟))، ((هل من مستغفر؟))، ((هل من سائل؟))، فحريٌّ بالمؤمن أن يعرض مسألته على ربه، وأن يطلب منه ما شاء من أمور الدنيا والآخرة؛ فكم في النفوس من حاجات، وكم في القلوب من لهفات، وإنما يتوجَّه إلى ذلك مَن فتح الله عليه بالخير، فهذه فرصة مِن فرص هذا الشهر الكريم، وهكذا الأوقات عمومًا ينبغي للمؤمن أن يملأها بما يقرِّبه إلى الله جل وعلا، طاعة وعبادة وذكرًا واستغفارًا وتلاوةً لكتاب الله جل وعلا.

ألا وصلوا وسلموا على خير خلْق اللهِ نبيِّنا محمد؛ فقد أمرَنا ربُّنا بذلك، فقال عز مِن قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم وارض عن خلفائه الراشدين، والأئمة المهديِّين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم يا رب العالمين، اللهم مَن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفْسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء، اللهم احفظ علينا في بلادنا الأمن والاستقرار، اللهم أصلح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، اللهم وفِّقهم للخيرات، وأعِذْهم مِن المنكَرات، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأبعِد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين، اللهم وفِّق إمامَنا بتوفيقك، اللهم اجعله داعيةَ خير وهدى، اللهم وأعنه على أمور دِينه ودُنياه، ووفِّقه لما فيه صلاح العباد والبلاد يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربَّونا صغارًا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم فرِّج هم المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين، واقْضِ الدَّين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم عجِّل بالفرج لعبادك المستضعفين في فلسطين وسوريا وفي العراق وفي اليمن وفي ليبيا وغيرها من البلاد، اللهم فرِّج همومهم ونفِّس كروبهم، اللهم احقِن دماءهم، اللهم انصرهم على مَن بغَى عليهم يا قوي يا عزيز، اللهم ثبِّت جنودنا المرابطين في الحدود وعلى الثغور، اللهم احفظهم بحفظك وسدد آراءهم ورميهم يا رب العالمين، اللهم وفِّقنا للخيرات، وأعِذْنا من المنكرات، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسْن عبادتك، سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.










آخر مواضيعي

0 مسلسل السد الحلقة 39
0 برنامج ادبني ربي
0 مسلسل تهويدة البلقان الحلقة 4
0 burberry 2014 , ازياء بربري 2014 , burberry bu 2014 , ملابس بربري 2014 , fashion burberry 2014
0 مسلسل الصيف الاخير الحلقة 10
0 الحفل الختامي لبرنامج زد رصيدك 2016
0 مسلسل وجوة الحلقة 13
0 قصة مريم حسين وروان الغامدي
0 بحث عن البرمائيات
0 فساتين سهرة للبنوتات الصغار 2013 , فساتين للبنات الصغار 2013 , صور فساتين سهرة للبنوتات الصغار 2013


  رد مع اقتباس
قديم 13 - 4 - 2019, 03:54 PM   #3

صعب المنال
خجلي موهوب
افتراضي رد: خطب رمضان 2019



استثمار رمضان في العبادة


الحمد لله ربِّ العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللَّهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.

شهرٌ عظيم:
أَيُّها الأحبة في الله، حديثي اليوم إلى حضراتكم تحت عنوان: "كيف نستقبل شهر رمضان".
نعم أَيُّها الأحبة، نحن في هذه الأيام على مقربة من شهر عظيم على الله -تبارك وتعالى- يقول الله - تبارك وتعالى- في حقه بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185].

أَيُّها الأحبة في الله.
ومن أعظم ما يميز هذا الشهر العظيم هو الصيام، والله-تبارك وتعالى-يقول فيه في سورة البقرة بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

وهذا الشهر المبارك أَيُّها الأحبة، شهرٌ عزيزٌ على الله - تبارك وتعالى- وعزيزٌ على المسلمين في أقطاب الأرض جميعًا، فينبغي علينا أَيُّها الأحبة من كان له ضيفٌ عزيز يأتيه كل عامٍ مرةً واحدة فينبغي عليك أن تستعد لضيفك وأن تتجهز له.
كيفية الاستعداد لشهر رمضان:
الدعاء ببلوغ شهر رمضان:
فنقول أَيُّها الأحبة.
من الاستعداد لشهر رمضان أَيُّها الأحبة الكرام، أن تدعوَ الله - تبارك وتعالى- أن يُطيل في عمرك؛ حتى تَبلُغ شهر رمضان، فكان الصحابة والسلف الصالح -عليهم جميعًا رحمة الله- كانوا يَدعون الله -تبارك وتعالى- ستة أشهر أن يُبلِّغهم شهر رمضان، فكانوا دائمًا يَدعون الله -تبارك وتعالى- أن يُطيل في أعمارهم بالصحة والعافية؛ حتى يُدركوا صيام هذا الشهر العظيم، لدرجة أني قرأت أن من السلف مَن كان يقول: "لقد صمتُ لله - عز وجل - ستين رمضان"، فكان يفرح بالسَّنَة يعيشها؛ حتى يضمن أنها تكون في ميزان حسناته يُثقِّل الله بها ميزانه يوم الدين.

فكانوا يدعون الله -تبارك وتعالى- ستة أشهر أن يُبلِّغهم رمضان، حتى إذا صاموا رمضان يَدعون الله -عز وجل - الأشهر الباقية أن يتقبله منهم، فطول السَّنَة في دعاء: دعاء بأن يَبلغوا، ودعاء بأن يتقبل الله منهم أعمالهم.

الفرح بقدوم شهر رمضان:
ثانيًا: أَيُّها الأحبة.
من الاستعداد لشهر رمضان: الفرح بقدوم شهر رمضان، ينبغي أن تَعلم أخي الحبيب أن في رمضان تُفَتَّح أبواب الجنان وتُغَلَّق أبواب النيران، ألَا يستدعي هذا الأمر أن يفرح الإنسان بأن أبواب الجنة مُفتَّحة وأن أبواب النار مُغلَّقَة؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا مات فرح بلقاء ربه».

فينبغي على المسلم أن يفرح بقدوم هذا الشهر، ولا يصنع كما يصنع هؤلاء المنافقون الذين يُبغضون شهر رمضان، ويُبغضون الصيام، ويُبغضون التراويح، ويُبغضون طاعة الله -تبارك وتعالى- وهذا من قلة إيمانهم ومن قلة فهمهم لدين الله -تبارك وتعالى- أما المسلم الحق فيحب شهر رمضان، ويشتاق إليه، ويشتاق لقراءة القرآن والاعتكاف وقيام ليلة القدر، يشتاق لكل هذا، وهذه علامة من علامات الإيمان.

التوبة إلى الله:
ثالثًا: أَيُّها الأحبة، التوبة إلى الله - تبارك وتعالى - فينبغي على كل مسلم أن يستقبل هذا الشهر بتوبةٍ شاملة تشمل كبائر الذنوب وصغائر الذنوب، والتوبة أَيُّها الأحبة، تستلزم منك الإقلاع عن المعصية، وتستلزم منك الندم، وتستلزم منك العزم على أن لا تُضيع هذا الشهر في صغائر الذنوب؛ لأن من الناس مَن يطالع المسلسلات والبرامج التافهة في نهار مضان وفي ليل رمضان، هذا الوقت النفيس، هذا الوقت الغالي، فيضيعه في صغائر الذنوب بالنظر إلى وجوه المحرمات، فهذا يقلل من أجر الصائم ويضيع أوقاته فيما لا يُرضي الله-تبارك وتعالى-فهيا بنا أخي الحبيب، هيا بنا نستقبل رمضان بتوبةٍ شاملة تشمل كبائر الذنوب وصغائر الذنوب.

العزم على عدم تضييع الوقت فيما لا يرضي الله:
ثم وصيتي الرابعة: أن نعزم عزمًا أكيدًا على أَلَّا نُضَيِّع أوقاتنا فيما لا يُرضي الله تبارك وتعالى.

وضع برنامج دعوي:
والوصية الخامسة: أن نضع برنامجًا دعويًّا لأنفسنا، كلٌّ على قَدر استطاعته، فمن الناس مَن يَضَع برنامجًا دعويًّا بماله، ومن الناس مَن يضع برنامجًا دعويًّا للمسلمين بعلمه.

فهذا الذي وضع للمسلمين برنامجًا دعويًّا بماله الذي يُعِدّ السَّلَّة الرمضانية فيوزع الأطعمة على الفقراء، ويصنع موائد لإطعام الطعام في رمضان "إفطار الصائم"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: «مَن فطَّر صائمًا فله مثل أجر الصائم من غير أن يَنقص من أجره شيئًا»، فمن الناس مَن يدعو إلى الله - عز وجل - بماله: إفطار الصائم، توصيل السَّلَّة الرمضانية إلى منازل الفقراء، هذه من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها الإنسان إلى الله -جل وعلا- بماله.

ومن الناس من يضع برنامجًا دعويًّا بعلمه بإلقاء الكلمات في المساجد عبر الصلوات الخمس، وجَمْع الناس على ختم القرآن الكريم في المسجد بعد صلاتي العصر والفجر، هذه الأعمال الدعوية العظيمة خَتْم القرآن في المساجد، وإلقاء الكلمات والمواعظ عقب صلاة التراويح، وإحياء سنة الاعتكاف.

فهذه الدعوة إلى الله كلٌّ على قدر استطاعته، أنت حينما تجلس وتُصبِّر نفسك في درس العصر أو في درس الفجر أو في درس التراويح فتستمع إلى كلام الله وإلى كلام رسول الله، حتى ولو كان هذا الكلام قد سمعته من قبل، فأنت تجلس بنية تكثير سواد المسلمين، وتكثير عدد المسلمين، وتجلس بنية أن تَحُفَّك الملائكة، وتجلس بنية أن يقال لك: أن قوموا مغفورًا لكم قد بُدِّلت سيئاتكم إلى حسنات.

تعلُّم فقه الصيام والأحكام المتعلقة به:
وأيضًا أَيُّها الأحبة الكرام، من استقبال شهر رمضان تعلُّم أحكام الصيام والاعتكاف وزكاة الفطر، نتعلم جميع ما يتعلق بعشر رمضان، جميع الأحكام المتعلقة بشهر رمضان تحتاج إلى فقهٍ وتحتاج إلى علمٍ، فالمسلم حينما يُقبِل على أي مشروع يعمل أو يقوم بعمل دراسة جدوى إلا العبادة! لِمَ لا نصنع لها دراسة جدوى ونَدرس منهجية معينة تجعلنا أكثر قربًا من الله تبارك وتعالى؟

ينبغي علينا أن ندرس فقه الصيام، وأن ندرس كيف نستطلع هلال شهر رمضان وماذا نقول عند رؤية الهلال؟ وأن تقرأ عن صيام يوم الشك وهو صيام اليوم الثلاثين من شعبان، ونقرأ أيضًا عن دعاء الصائم عند فطره ماذا يقول، وعن تعجيل الفطر وتأخير السحور، نَذكر سُنَّة النبي في ذلك، ثم ندرس المريض والمسافر والمرأة الحائض والنفساء والمرأة الحامل والمُرضع كيف تكون أحكام صيامهم والكفارات المطلوبة في ذلك، فهذا الفقه أَيُّها الأحبة، ينبغي علينا قبل بداية شهر رمضان في كل سَنَة أن ندرس فقه الصيام وهذه الأحكام المتعلقة بشروط الصيام وغيرها من أحكام الإسلام.

كان العلماء يقولون: إن الله -تبارك وتعالى- لا يَقبل العبادة من جاهل، لا أقصد بالجاهل هنا أَيُّها الأحبة، هو مَن لا يدخل الجامعات والثانويَّات والإعداديَّات، لا، وإنما المسلم العادي جدًّا الحريص على سماع العلم وسماع الدين ويتعلم هذه الأشياء التي هي فرْض على كل مسلم أن يتعلمها، الصلاة فرض فيتعلم أحكامها، الصيام فرض فيتعلم أحكامه، الحج فرض فيتعلم أحكامه، الفرض، فينبغي على كل مسلم أن يكون عنده ولو كتاب واحد يرجع إليه في أحكام الصيام، وأحكام زكاة الفطر، وأحكام ليلة القدر، وأحكام العشر الأواخر من رمضان، إلى غير ذلك من الأحكام.

رأينا أَيُّها الأحبة بسبب ترك العلم: رأينا المرأة الحائض تصوم رمضان، وهذا حرامٌ عليها، بل من أكبر الكبائر عند الله أن تتمرد على حُكم الله وأن تتقرب إلى الله بما لا يحبه الله، فينبغي على المسلم أن يراجع هذه المسألة أَيُّها الأحبة الكرام.

الاهتمام بالواجبات الشرعية:
ثم بعد ذلك الاهتمام بالواجبات الشرعية، فالمسلم يستقبل شهر رمضان بالاستعداد من الآن لقيام الليل، بالاستعداد من الآن للصيام، فإن كثيرًا من إخوانكم الذين يصلون معكم في هذا المسجد يواظبون في شهر شعبان على صيام الاثنين والخميس؛ تدريبًا لأنفسهم على تحمُّل طول الصيام في رمضان القادم وتعويدًا لأنفسهم على الصيام؛ حتى إذا جاء شهر رمضان وجد المسلمين في غاية الاستعداد للصيام وتحمُّل الجوع والعطش إلى غير ذلك، ورأينا من إخوانكم مَن بدأ يصنع له وِردًا يوميًّا من قراءة القرآن الكريم؛ حتى إذا جاء شهر رمضان كان المسلم مستعدًّا لقراءة القرآن وحُسن تدبُّره مع الله تبارك وتعالى.

فينبغي على المسلم أن يواظب على صلاة الفجر، خاصةً أركز على صلاة الفجر؛ لأن المسلمين قد هجروا هذه الفريضة العظيمة، ولقد ذَكر الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- بأن المسلم إذا ضَبط المنبه على الساعة السادسة صباحًا وتعمَّد تَرك صلاة الفجر فإنه آثمٌ آثمٌ آثمٌ، فينبغي على المسلم أَيُّها الأحبة، أن يضع صلاة الفجر في برنامجه وفي حياته وأنها أمرٌ أكيد، ويكفي أن تَعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله»، فلِمَ نزهد في هذا الفضل العظيم وهذه النعمة الكبيرة من الله –تبارك وتعالى- أَيُّها الأحبة؟! إذًا المحافظة على الواجبات.

محاسبة النفس على تقصيرها:
كذلك محاسبة النفس على تقصيرها أَيُّها الأحبة، فكلنا مقصرون، مرت سَنَة كاملة من العام الماضي وكم قصَّرنا في حق والدِينا، وكم قصَّرنا في حق جيراننا، وكم قصرنا في حق إخواننا، وكم قصرنا في حق أبنائنا وبناتنا ونسائنا وفي حق أنفسنا.

هذه الساعة التي ينبغي أن نقف فيها مع أنفسنا، جاء شهر رمضان؛ لتحسين العلاقات وفتْح صفحات جديدة مع الله -تبارك وتعالى-افتح صفحة جديدة من الآن مع الله -تبارك وتعالى- تحافظ فيها على الطاعات وتجتنب فيها المعاصي والموبقات، افتح صفحة جديدة مع النبي صلى الله عليه وسلم بأن تفعل سنته وأن تترك ما أمرك النبي صلى الله عليه وسلم بتركه، افتح صفحة جديدة مع الوالدين بأن تطيعهما لله-جل وعلا-وأن تُحسن إليها وأن تترك العقوق، افتح صفحة جديدة مع المجتمع المسلم، انفع الناس، «المؤمن مَنفعة إن شاورته نفعك»، افتح صفحة جديدة مع الناس جميعًا بأن يكون قلبك صافيًا من المسلمين جميعًا فلا تحمل في قلبك لا حقدًا ولا حسدًا ولا بغضاء ولا شحناء.

صفحة جديدة مع الجميع أَيُّها الأحبة، قبل أن يأتي هذا الشهر وعلينا ذنوب كثيرة من العام الماضي: علاقات مُقطَّعة، أرحام مُقطَّعة، صلات منشورة، لا يا أَيُّها الأحبة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا جاء شهر رمضان ينادي منادٍ من قِبَل الله -عز وجل- فيقول: يا باغي الخير أقبِل، ويا باغي الشر أقصِر»، يا أهل الفن والتمثيل، أَقصِروا فقد جاء شهر رمضان، يا أهل الغِيبة والنميمة، أقصروا فقد جاء شهر رمضان، يا أهل قيام الليل، أقبِلوا فقد جاء شهر رمضان، يا أهل القرآن والصيام والصدقة وتفطير الصائم، أقبِلوا وافرحوا بمجيء هذا الشهر الذي تُضاعَف فيه الحسنات وتُضاعَف فيه الأعمال.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقنا جميعًا للأعمال الصالحة في رمضان وبعد رمضان، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، التائب حبيب الرحمن، والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له.


الخطبة الثانية
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، اللَّهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا، على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
فضل شهر رمضان:
أَيُّها الأحبة في الله، النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل وقال: «يا محمد، بَعُد، ثم بَعُد، ثم بَعُد (ثلاث مرات)، مَن أدرك رمضان فلم يُغفَر له»، بَعُد مَن أدرك رمضان فلم يُغفَر له، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه»، ويقول في حق صلاة التراويح: «ومَن قام رمضان (أي قام لقيام الليل)، إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه»، ويقول في حق ليلة القدر: «ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».
استعِد لتَفوز بشهر رمضان:
فليحرص المسلم أَيُّها الأحبة من الآن على أن تكون صلاة التراويح جزءًا أساسيًّا في يوم الصائم، يحرص المسلم من الآن المسلم الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم مَن تعلم القرآن وعلَّمه»، جاء شهر القرآن فالمسلم الحق يبدأ فيه وِردًا يوميًّا، برنامجًا أساسيًّا لختم القرآن، وتدبر القرآن.

هيَّا أَيُّها الأحبة للتجارة مع الله -تبارك وتعالى- للاستعداد، شمِّروا أَيُّها الأحبة، فإنها بشرى عظيمة لمَن فاز في رمضان بأن يكون-إن شاء الله جل وعلا-مغفورًا له وهو من أهل الجنة إذا كان ثابتًا على صيامه، وثابتًا على قراءته القرآن، وثابتًا على ترك الذنوب والمعاصي، وثابتًا على ترك صغائر الذنوب من النظر إلى المسلسلات والأفلام والبرامج التافهة، وأن يحرص على طلب العلم، وأن يحرص على مجالسة الصالحين، وأن يحرص على ملازمة المساجد والاعتكاف وغيره من الأعمال الصالحة.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل جَمْعنا هذا جَمعًا مرحومًا، اللَّهم اجعل جَمْعنا هذا جَمعًا مرحومًا، واجعل تفرقنا من بعده تفرُّقًا معصومًا، اللَّهم لا تجعل منا ولا بيننا ولا حولنا شقيًّا ولا مطرودًا ولا محرومًا، اللَّهم إنا نسألك أن تبارك لنا في شعبان وأن تبلغنا رمضان، اللَّهم بارك لنا في شهر شعبان وبلغنا شهر رمضان وتَقَبَّلْه منا يا رب العالمين، اللَّهم أعِنَّا في رمضان على الصلاة والصيام والصدقة يا رب العالمين، اللَّهم أعِنَّا في رمضان على قراءة القرآن وحُسن تدبره يا رب العالمين، اللَّهم أعِنَّا في رمضان على قيام الليل وصلاة الفجر في جماعة يا رب العالمين، اللَّهم أعِنَّا في رمضان على أن نحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة، اللَّهم أعِنَّا في رمضان وغير رمضان على سلامة صدورنا وقلوبنا يا رب العالمين، اللَّهم صفِّ نفوسنا من الشحناء والكراهية والبغضاء يارب العالمين.

اللَّهم انصر إخواننا المضطهدين في سوريا يا رب العالمين، اللَّهم اجعل شهر رمضان شهر نصر وتمكين لهم يا رب العالمين، اللَّهم إنا نسألك أن تجعل شهر رمضان شهر فرج لإخواننا المضطهَدين المُعذَّبين في سوريا، اللَّهم مكِّن لهم يا رب العالمين، اللَّهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا متين، اللَّهم كن بأطفالهم ونسائهم رؤوفًا رحيمًا، اللَّهم كن لأطفالنا وإخواننا ونسائنا المُهَجَّرين اللاجئين السوريين كن لهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين، اللَّهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان، ولا تكن عليهم يا رب العالمين، اللَّهم اجعل شهر رمضان شهر النصر والتمكين يا رب العالمين، اللَّهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللَّهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله










آخر مواضيعي

0 فساتين طونى يعقوب لخريف 2015
0 مكياج الطاووس , صور ميك اب الطاووس , طريقة وضع مكياج الطاووس , ميك اب الطاووس
0 مهرجان تنومة 2014 , مهرجان صيف تنومة 1435 , فعاليات مهرجان صيف تنومة 2014
0 كتاب طبخ 2013 , تحميل كتاب طبخ 2013 , كتاب طبخ , افضل كتاب طبخ
0 كيف اهتم بنفسي بعد الولادة
0 البوم شيرين 2013 , موعد البوم شيرين 2013 , البوم شيرين في عيد الفطر , اخبار البوم شيرين 2013
0 اقالة المعلق صدقة من القناة الرياضية , اسباب اقالة المعلق صدقة
0 مسلسل شتي يا بيروت الحلقة 21
0 خلفيات ايفون صلاه 2013 , خلفيات صلاه 2013 , خلفيات صلاه للايفون 2013
0 الفرق بين النمو الطبيعى والزائد لشعر الجسم , النمو الطبيعى لشعر الجسم , شعر الجسم والنوم الطبيعي


  رد مع اقتباس
قديم 13 - 4 - 2019, 03:55 PM   #4

صعب المنال
خجلي موهوب
افتراضي رد: خطب رمضان 2019



أحكام الصيام


الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللَّهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

الصحة والإقامة من شروط صحة الصيام:
أيُّها الأحبة في الله، حديثي اليوم إلى حضراتكم يدور حول أحكام الصيام.
أولاً: أيُّها الأحبة، أن الصيام لا يجب على مريض، ولا يجب الصيام على مسافر.
والمراد بالمريض هنا هو: المريض الذي يخشى على نفسه الهَلَكة؛ إن صام تتحقق له الهلكة، في هذه الحالة أيُّها الأحبة، يفطر ثُمَّ يقضي بعد رمضان، الأيام التي أفطرها يقضيها بعد رمضان.


أمَّا إذا كان مريضًا لا يُرجى شفاؤه، بأن كان رجلاً كبيرًا في السن، طاعنًا في السن، ولا نأمل أن يُشفى من مرضه ويصوم بعد رمضان؛ ففي هذه الحالة تخرج الفدية، وإخراج الفدية هنا هو الواجب أيُّها الأحبة، فنُخرج عن كل يومٍ أفطره في رمضان إطعام مسكين أو إفطار مسكين، فنطعم ثلاثين مسكينًا عن ثلاثين يومًا في رمضان.

وبالنسبة للمسافر أيُّها الأحبة: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، المسافر كذلك إذا كانت هناك مشقة عظيمة بالسفر فيفطر ويقضي بعد رمضان بعدد الأيام التي أفطرها، إذًا من شروط وجوب الصوم: الصحة، فلا صيام على مريض، ومن شروط صحة الصوم: الإقامة، فلا صوم على مسافر.


والسفر يختلف باختلاف المشقة، فمن سافر من الدوحة إلى البحرين فليس هذا بسفرٍ طويل، وإنما السفر الطويل هو مَن خرج مثلاً من الدوحة بسيارته وأراد الذهاب إلى العمرة وتعرض في طريقه للسير نهارًا، وكان فيه مشقة عظيمة، فهنا السفر يختلف باختلاف الأشخاص وباختلاف الأماكن وباختلاف الحالات، إلى آخر ذلك أيُّها الأحبة.

الطهارة من شروط صحة الصيام بالنسبة للنساء:
ثُمَّ بعد ذلك من شروط صحة الصوم: الطهارة من الحيض والنفاس بالنسبة لأمهاتنا وأخواتنا وبناتنا من النساء، الطهارة من الحيض والنفاس شرط لصحة الصوم، فلا يجب الصيام على المرأة الحائض، والمرأة الحائض إذا صامت فلا يصح صومها ويحرم عليها الصيام، وكذلك المرأة النفساء وهي المرأة التي ولدت أو ربت كما نقول باللغة العامية، ونزل عليها دم النفاس، ففي هذه الحالة يحرم عليها أن تصلي ويحرم عليها أن تصوم، لا يصح منها الصيام ولا تصح منها الصلاة حتى تطهر من دم النفاس.


كذلك الحامل والمرضع لا نقول: لا يصح منهما الصيام، ولكن نقول: هناك حكم خاص بالحامل والمرضع، فنقول: قال الفقهاء: "الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو خافتا على ولديهما أفطرتا وقضيا بعد رمضان"، يقضيان بعد انقضاء الرضاعة أو بعد انقضاء الحمل، يعني: المرأة الحامل إذا كانت تخشى على ولدها من الهلكة (جنينها) أو تخشى على نفسها تفطر، الحامل تفطر، متى تفطر؟ إذا تيقنت من طبيبٍ عدل أو من طبيبة عدل، عدل يعني ماذا؟ طبيبة مسلمة متدينة فقيهة في دينها، فقالت لها: أنت ضعيفة وتعانين مثلاً من بعض الأمراض الأنيميا والضعف والهزال، وينبغي عليك أن تفطري أيتها الحامل، ففي هذه الحالة تستجيب لقول الطبيبة المسلمة الثقة المتدينة فتستجيب فتفطر الحامل، وكذلك المرضع إذا كانت تعاني بعض الأمراض وأفتتها الطبيبة المسلمة المتدينة الثقة بأنها تفطر، فالحامل والمرضع يفطرا ويقضيا بعد انقضاء حاجتهما.

حكم صوم الطفل:
كذلك أيُّها الأحبة، لا يجب الصيام على الطفل الصغير دون سن البلوغ، وإنما يُستحب أن يصوم صبياننا وبناتنا الذين دون سن البلوغ؛ لأن هذا من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم ومن هدي الصحابة، وقرأنا قبل ذلك في دروس العصر: أن بعض نساء الصحابة قالت: "كنا نصوّم صبياننا في يوم عاشوراء، فإذا جاعوا أعطيناهم العهن" قطعة من الصوف يمضغونها حتى تغرب الشمس، فثبت من هذا النص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقر تجويع الصبيان أو صيام الصبيان؟ كان يقر صيام الصبيان حتى غروب الشمس وتعويدهم على هذه الفضيلة العظيمة وهذه العبادة الكبيرة، ألا وهي عبادة الصيام.

حكم صوم المرتد:
كذلك أيُّها الأحبة، المرتد: يبطل صومه؛ لأن من شروط صحة الصيام: الإسلام، فالمرتد الذي قال: إن الشريعة الإسلامية لا تصلح للتطبيق وأنها كانت في زمنٍ فيه التخلف والرجعية فهذا مرتد عن الإسلام ينبغي عليه أن يتشهد مرةً أخرى وأن يغتسل وأن يدخل في دين الله وأن يعلم أن حجه الماضي قد بطل، وأن صومه الماضي قد بطل؛ لأنه تكلم في شريعة رب العالمين؛ ولأنه جحدها وأنكرها واستهزأ بها، قال تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66]. فمَن يسخر من الشريعة الإسلامية أو يقلل من شأنها أو يرى أنها غير صالحة للتطبيق فهذا مرتد عن دين الله عَزَّ وَجَلَّ لا يصح صومه، فعليه أن يتشهد وأن يغتسل وأن يدخل في الإسلام من جديد.

من مبطلات الصيام:
ثُمَّ بعد ذلك أيُّها الأحبة، تحدثنا عن العقل، فالمريض الذي أفقده المرض العقل، بعض المرضى -نسأل الله أن يعافي جميع المسلمين وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين -قد يُذهب مرضه بالعقل، والعقل هو مناط التكليف أيُّها الأحبة، فلا يجب الصيام على مجنون ولا من فقد عقله؛ ولذلك العلماء حينما يتكلمون عن مبطلات الصوم، فإنما يتكلمون عن الكثير من المبطلات سنأخذها الواحدة تلو الأخرى.


فمن مبطلات الصيام: التقيؤ عمدًا، ونسميه باللغة العامية (الترجيع وفي مصر يقولون: التقيؤ، باللغة الفصحى التقيؤ، وباللغة العامية له أكثر من معنى، وهو إخراج الطعام عمدًا من الحلق، هذا التقيؤ مبطل من مبطلات الصيام، إلَّا إذا ذرعه القيء يعني: خرج القيء رغمًا عنه فهذا لا يبطل صيامه، أما من تعمد إخراج الطعام؛ لأن إخراج الطعام فيه خروج ودخول للطعام، وهذه العلة من إبطال الصيام بخروج الطعام ودخوله أثناء التقيؤ، فهذا مبطل من مبطلات الصيام.

كذلك من أعظم مبطلات الصيام: الجماع، جماع الزوجين في نهار رمضان عامدًا متعمدًا فهذا يبطل صيامه ويبطل صيام الزوجة، ويجب عليه القضاء والكفارة، وقد وقع في إثُمَّ عظيم.


كذلك من مبطلات الصيام: الاستمناء، والاستمناء هو خروج المني باليد معصيةً لله عَزَّ وَجَلَّ في نهار رمضان، فهذا من الذنوب ومن أعظم الذنوب، وأنه أيضًا يبطل الصيام، وصاحبه آثُمَّ، وينبغي عليه أن يقضي بعد رمضان، وليست عليه كفارة.

كذلك من مبطلات الصيام أيُّها الأحبة: الأكل والشرب عمدًا في نهار رمضان، فمن أكل أو شرب عامدًا متعمدًا فقد بطل صومه، أما من أكل أو شرب ناسيًا فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه، يعني: لو أن إنساناً نسي أنه صائم فشرب أو أكل أكلاً يسيرًا ثُمَّ تبيَّن له أنه صائم، فليمج الطعام وليمج الشراب، لا أقول: يتقيأ، وإنما فقط إذا كانت هناك بقية من طعام أو شراب في فمه فليتفله على الأرض وليتم صومه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيًا فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» [1].


لكن هنا رسالة لمن أفطر في رمضان عامدًا متعمدًا: رأينا بعض الشباب من الذين لا يدخلون المساجد أبدًا، شباب أسأل الله أن يهديهم، شباب فيما دون العشرين سنة، يجتمعون عند بعض أصدقائهم ويعد لهم طعام الغداء ويعد لهم الفطور ويدخنون السجائر -نسأل الله أن يهدي شباب المسلمين، نسأل الله أن يتوب على شباب المسلمين- وهذا الأمر يتفاخرون به أيُّها الأحبة؛ فيقول: غداءنا في يوم اثنين رمضان عند صديقنا فلان في مجلس فلان، ويجلسون عنده ويدخنون ويأكلون ويشربون العصائر، وبعض الموائد، وبعض الكافتيريات يفتحون في نهار رمضان خفيةً، لا أقول: يأكل فيها الفاجر، وإنما يأكل فيها المسلم الفاجر وغير المسلم في بعض الكافتيريات يفتحونها في نهار رمضان، فيفطر في رمضان من غير عذرٍ شرعي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أفطر يومًا في رمضان من غير عذرٍ لم يقضه صيام الدهر وإن صامه»[2] وإن صام الدهر كله، وإن صام العام بأكمله، لم يوفِ صيام ذلك اليوم أو أجر ذلك اليوم.


إخواني الكرام، فإذًا من مبطلات الصيام الأكل والشرب عمدًا، التقيؤ عمدًا، الجماع، الاستمناء، الردة على الإسلام.
لكن لا بأس أيُّها الأحبة بالانغماس في الماء، لا بأس في ذلك، لا بأس في السواك، عند الشافعية حتى أذان الظهر، وعند الجمهور تستطيع أن تستاك طوال يومك وأنت صائم.


ولا بأس كذلك أيُّها الأحبة، بشم الطيب ووضع الطيب عند الجمهور أيضًا؛ لأن بعض المذاهب تقول: يُكره شم الطيب والبخور وغير ذلك، لكن أنا مع الرأي الذي يقول -وهو رأي جمهور الفقهاء- بأنه يجوز شم الطيب.


وكذلك أيُّها الأحبة، يجوز للإنسان أن يجامع أهله في ليل رمضان. حتى إذا أذن الفجر، الرجل موجود، لكن عليه الجنابة فيؤذن الفجر فيغتسل من الجنابة بعد أذان الفجر فهذا لا بأس به، يعني الجماع انقضى قبل أذان الفجر لكن الرجل بقي جنبًا والمرأة بقيت جنبًا حتى بعد أذان الفجر فهذا جائز ولا حرج فيه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا وهو صائم، ثُمَّ يغتسل بعد أذان الفجر.

إخواني الكرام؛ تكلمنا عن شروط صحة الصوم، وتكلمنا عن موجبات الصوم، نسأل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، التائب حبيب الرحمن، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللَّهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أيُّها الأحبة في الله، رمضان فرصة عظيمة لقراءة القرآن، رمضان فرصة عظيمة لصلة الأرحام، رمضان فرصة عظيمة للصدقات أيُّها الأحبة، رمضان فرصة عظيمة لإطعام الطعام، «من فطر صائمًا كان له من الأجر مثل أجر من فطره من غير أن ينقص من أجره شيئا»[3] فلنحرص على إطعام الطعام في شهر رمضان، كان حبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، فكان أجود من الريح المرسلة، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، فأنفق يُنفق الله عليك، أنفق أيُّها الحبيب، «اللَّهم أعطِ منفقًا خلفًا»، وملك آخر يقول: «اللَّهم أعطِ مُمسكًا»: بخيلاً «تلفًا»[4] أي: تلفًا في ماله، فالصدقة في شهر رمضان تفتح لك أبواب السماء، تفتح لك أبواب إجابة الدعاء، تفتح لك أبواب الجنة إن شاء الله جلَّ وعلا، الصدقة تشفي مريضك، الصدقة ترفع عنك غضب الله جلَّ وعلا، بادر بالصدقة في كل وقت وفي كل زمان وفي كل مكان، وشارك مع كل أحد، شارك في إفطار الصائم، شارك في بناء المساجد، شارك في التبرعات، إخوانكم في العالم كله يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فلا ننسى إخواننا أيُّها الأحبة.

الأمر الأخير الذي أحب أن أتحدث فيه وأختم به خطبتي إن شاء الله جلَّ وعلا: أن الذين كفروا ينفقون الآن أموال بالمليارات؛ ليصدوا الناس عن سبيل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وأبشركم أيُّها الأحبة، بأن هذه الأموال ستنفق بالفعل كما قال الله جلَّ وعلا، لكن ستكون حسرة على مَن أنفقها، أنفقوها ليصدوا بها عن سبيل الله في العالم الإسلامي بأكمله حتى لا تكون كلمة الله هي العليا، أنفقوها حتى لا يروا مَن يقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يعتز بها، فأنفقوها، فالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال: 36].


فنور الإسلام قائم وفجر الإسلام سيشرق من جديد، وسننعم جميعًا بالإسلام العظيم الذي يحمي المسلم وغير المسلم.

نسأل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يغيرنا من الداخل، وأن يغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، اللَّهم اجعل جمعنا هذا جمعًا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، اللَّهم لا تجعل فينا ولا بيننا ولا حولنا شقيًّا ولا مطرودًا ولا محرومًا، اللَّهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللَّهم أذل الشرك والمشركين، اللَّهم ارفع راية القرآن وراية الدين، اللَّهم مكن لدينك الذي ارتضيته لنا يا رب العالمين، اللَّهم فك أسر المأسورين، اللَّهم فك حبس المحبوسين، اللَّهم ارفع الظلم عن المظلومين، وارفع الاضطهاد عن المضطهدين، اللَّهم أطعم جوعى المسلمين، اللَّهم اكسُ عراة المسلمين، اللَّهم احمل حفاة المسلمين، اللَّهم انصر المستضعفين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في سوريا والعراق يا رب العالمين ولبنان يا رب العالمين، اللَّهم احقن دماء المسلمين في مصر يا رب العالمين، اللَّهم احقن دماء المسلمين في كل بلد تُعبد فيه يا رب العالمين، اللَّهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، اللَّهم تقبل منا صيامنا، اللَّهم تقبل منا صلاتنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا، واختم بالصالحات أعمالنا يا كريم، اللَّهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله، وأقم الصلاة.

[1] أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 31)، كتاب الصوم، بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا، رقم: (1933).

[2] أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 32) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا، كتاب الصوم، بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ.

[3] أخرجه أحمد في مسنده ط الرسالة (28/ 261)، بَقِيَّةُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رقم: (17033)، صححه شعيب الأرناؤوط.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 115)، كتاب الزكاة، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 10] «اللَّهم أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا»، رقم: (1442).












آخر مواضيعي

0 ماهو توقيت غرينتش
0 صافيناز في فيلم سالم ابو اخته , صافيناز ترقص في فيلم سالم ابو اخته
0 مسلسل المغوار الحلقة 12
0 كلاب بول تيرير
0 السيرة الذاتية للدكتور احمد بن فهد الفهيد
0 دعاء للموتى
0 مقال عن رؤية المملكة 2030
0 بي سيات 2016
0 اشهر النساء السعوديات في الازياء
0 فساتين حرير 2014 , ملابس حرير 2013 , ازياء حرير 2013 , فساتين حرير ناعمة 2013 , ازياء حرير ناعمة


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
خطب رمضان 1440, خطب رمضان 1441, خطب رمضان 2020, خطب شهر رمضان 2019



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسلسل ابو جبل رمضان 2019 صعب المنال مواضيع عامة - مواضيع ثقافيه - مواضيع منوعه 0 11 - 4 - 2019 04:21 PM
تجهيزات شهر رمضان 2019 صعب المنال مطبخ خجلي - اكلات - معجنات - حلويات - سلطات - مقبلات 0 11 - 4 - 2019 04:09 PM
ديكورات رمضان 2019 صعب المنال ديكورات - اثاث - غرف نوم - مطابخ - حمامات 0 29 - 5 - 2018 04:43 PM
رسائل صباح رمضان 2019 صعب المنال جوالات - اتصالات - مسجات - sms - mms - برامج جوال - نغمات - ثيمات 0 28 - 5 - 2018 06:07 PM
عبايات رمضان 2019 صعب المنال ازياء - فساتين - موضة - صور ازياء - اكسسوارات 0 20 - 5 - 2018 04:37 PM


الساعة الآن 10:46 AM.


المواضيع المكتوبة في منتديات خجلي لاتعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها

Security team

تصميم دكتور ويب سايت